الجمعة، 21 مايو 2010

مهند الشهرباني-عذرا فقد اخطأنا

عذراً فقد أخطأنا

مهند الشهرباني

علمتنا الحرب الأخيرة الكثير من العادات الجيدة وأعطتنا فضيلة ان نعترف بالذنب وان نعتذر حين الخطأ وها نحن نعتذر . نعتذر عن سوء النوايا فيمن حسبناهم الماكينة الإعلامية للنظام البائد واللذين اتهمناهم زوراً وبهتاناً بأنهم أبواق للحاكم المخلوع ، فلقد تصورنا في غفلة للعقل انهم يمدحون ويروجون وينسجون ويطبلون ويزمرون ولكننا اكتشفنا متأخرين انهم كانوا يحاربون ويعارضون ويمررون عصيانهم بين السطور التي لم نستطع قراءتها لان ثقافتنا كانت محدودة (نعتذر لأن معرفتنا لم تكن تتجاوز الحروف الأبجدية المتداولة ) ، نعتذر لأننا كان يجب أن نقرأ مقالاتهم وقصائدهم ونصوصهم بعكس ما هو مكتوب أي من الأسفل إلى الأعلى ومن اليسار إلى اليمين كي نفهم انهم لا يمدحون القائد ولا يطبلون للأستاذ ولا يروجون لـ(روايات الكاتب المجهول ) . نعتذر لأننا كان يجب معرفة إن المقالات التي كتبت في فكر القائد هي إدانة وليست تمجيد (كما فهمنا حينها ) وفق نظريات ديكارت المتشككة . نعتذر لأننا حسبنا (جهلاً منا ) كتّابنا وشعراءنا يقبضون رواتب مجزية مقابل ما يكتبون وانهم بعد أن يسقط الصنم سوف يعيدون تسديد الديون لمن استدانوا منهم لتمشية أمور حياتهم الصعبة ، نعتذر لأننا حسبنا المجبرين على الكتابة سوف يستحون مما كتبوا فينزوون بعد زوال الطغيان حتى ندعوهم للعودة فيعتذرون لنا بأدب ثم يكتبون على استحياء ليكشفوا الحقائق التي كانت غائبة عنّا ، نعتذر لأننا تصورنا أن جرائد ما بعد الطوفان سوف تخلوا من أسمائهم لتمنح الفرصة لمن كان مركونا على رف الأيدلوجيات المنافسة ، نعتذر لأننا تخيلنا(مجرد تخيل ) إمكانية ان نكتب مثلما يكتبون وان نستطيع التطاول على ملكاتهم الفكرية دون ان نعلم باننا في الصف………من الإبداع ( يمكنهم ان يكتبوا المرتبة التي يروننا فيها ) نعتذر ونعتذر بشدة لاننا حاولنا ان نأخذ مكانهم الذي استحقوه بالانحناء والتصفيق وعرق الجبين ( الذي من الصعب ان يعرق) وتأريخ النضال الذي لا تشوبه شائبة ، نعتذر نحن الصغار ..نحن الشباب ..نحن الذين لم نفطم بعد ..لأننا تطاولنا في خيالنا وتوهمنا ان من الممكن وليس من المستحيل ولا بد ودون نقاش انهم سيتركوننا نتخبط دون صحافة ودون شعر ودون نصوص ودون أحزاب لأنهم سيتركون الحبل على غاربنا نصول ونجول بعد ان تخلو الساحة لنا ، نعتذر لاننا اكتشفنا بعد عام واكثر كم كنا أغبياء ومخدوعين ..لان من حسبناهم في ركب الحضارة الدكتاتورية هم الآن أصحاب نضال قديم وأصحاب أحزاب وجرائد ورؤساء تحرير ومسؤولو صفحاتنا الثقافية وهذا بحد ذاته ينفي عنهم تهمة خيانة شرف الكلمة ، ولكي نعرف مقدار حماقتنا وجهلنا افتحوا أي صحيفة واقرءوا أسماء كتابها ثم اقتنوا صحيفة واحدة لمدة أسبوع واحسبوا عدد المرات التي تتكرر فيها أسماء معينة وهذا يثبت ان لا ثقافة بغيرهم وانهم تواضعاً منهم وعطفاً علينا يتعبون الآن كما لم يتعبوا من قبل في تعليمنا، ولأنهم يعرفون مقدار أهميتهم فانهم سوف ينتبهون الى فكرة ان نطلب منهم الصفح فيما اقترفت افكارنا ضدهم وها نحن نبادر بالاعتذار فعذرا وطوبى لمن صفح .

ليست هناك تعليقات: